الذرية الضعيفة

 

الحياة صعبة وتجعل البعض ينشغلون بها ويفعلون كل شيئاً من أجل تجميع مبالغ مالية وذلك من أجل تأمين مستقبل الأبناء فالكثير من هؤلاء ينظرون الى الناحية المادية فقط ويعتقدون أن المال هو الضامن والسلاح الفعال ضد مخاطر الحياة ولكن في نفس الوقت قد يكون هو السلاح الذي يقتل به أبنائه بدون قصد.

فالبعض في هذه الأيام يفعلون أي شيئاً من أجل المال فمنهم من يعوق والديه ويرتشى ويتاجر في الممنوعات ويفعل المحرمات ويخالف ضميره من أجل المال، ويعتقد ان هذا المال هو الأمان نظراً للسلطة والمكانة والواقع الاجتماعي الذي يعيش فيه ولكن مع مرور الأيام يكتشف الحقيقة الصادقة في هذه الحياة أن المال الحرام نقمة وليس نعمة سواء في الدنيا أو الأخرة

فالكثير من هؤلاء الأشخاص نسوا قول الله تعالى



** وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا **

فرب العالمين قد قالها صريحة في كتابه الكريم ولكن البعض لا يسمع إلا صوت الشيطان فالتقوى وقول الحق والبعد عن الزور هي الملاذ الأمن للذرية فليس المال هو الحماية للذرية الضعيفة بل التقوى والعمل الصالح الذي تتركه لهم وتفعله في حياتك هو الكنز الخفي الذي سينعمون به طوال حياتهم.

وقصة سيدنا موسى مع الخضر في سورة الكهف هي خير دليل على أن التقوى والعمل الصالح هو الملاذ الأمن للأبناء فعندما طلب سيدنا موسى والخضر الطعام من أهل القرية فهم رفضوا أن يعطوهم الطعام على الرغم من أنهم لم يطلبوا مال بل طعام وهو يدل على الحاجة الفعلية للإنسان

 لأن الشخص الذي يطلب طعام وليس مال فهو لا يريد أن يكتنز المال بل يريد أن يقوت نفسه ويحتاج الى لقمة عيش تُهدأ من قسوة الجوع فرفضوا أهل القرية وغضب سيدنا موسى وقال لسيدنا الخضر لماذا بنيت الجدار وهم يفعلون فينا ذلك ويرفضون إطعامنا.



 والذي وضح له الخضر فيما بعد أن تحت الجدار هذا كنزاً لأطفال يتامى يريد رب العالمين أن يحفظهم لهم حتى يبلغ أشدهما ويكبرون ويستخرجوا كنزهم فأرسل الله سبحانه وتعالى جنوده لكي يحافظون لهم على هذا الكنز لأن أبوهم كان رجل صالح، فالقصص التي تضرب للناس في الكتاب الكريم ليست للتسلية بل هي حكم ومواعظ غالية وفيها دروس لا ٌتقدر بثمن ولكن يحتاج الشخص أن يقرأ بعناية وتدبر ويفهم المحتوى ويفعل بها في حياته فالعمل الصالح والتقوى وأفعال الخير هما الطريق الى الامن والأمان للأبناء.

فليس المال هو الحل كما يعتقد البعض فقد يكون سبب في تدمير الأبناء فنحن نسمع الكثير عن حكايات المال الحرام وعدم التقوى والغش والاحتيال والنصب وكيف وصلت تلك الأمور بأصحابها وبأبنائهم من قتل بعضهم البعض أو المشي في طريق الإدمان أو في طريق الحرام.



 فألذى يتبقى للشخص في الحياة ليس كم الفلوس الذي جمعها ولكن يتبقى عمله الصالح ، فالعمل الصالح هو خير رفيق وخير زاد فى الحياة الدنيا وفى الأخرة ، وكذلك سيرة  الشخص العطرة بين الناس والمال الحلال وتقوى الله في السر وفى العلن هما السلاح الذى يحمى الذرية الضعيفة ويتركهم وهو يعلم أن الله لا يضيع أجر المحسنين وما فعله فى حياته سيكون خير زاد لهم فى حياتهم .



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب الراقصون تحت المطر

مراجعة كتاب رمضان الأخير للدكتور راغب السرجاني

للكبار فقط