مراجعة كتاب الذين لم يولدوا بعد للمؤلف أحمد خيري العمري

 

شهر رمضان مثل الضيف المغترب يأتي لزيارتنا مرة في السنة لمدة شهر ويذهب عنا وهو على الأبواب ولكن الكثير منا يضيع هذه الفرصة فإذا كنت ستفعل مثل كل سنة فلا تفتح له واغلق ابوابك وزد من تحصيناتك جيداً فلو لم يؤثر فيك وكما جاء اليك ورحل عنك بدون تغيير فلا داعي أن تستقبله أو تفتح ابوابك له، ولان القضية خسرانه وهو سيتسلل من المواسير او الثقوب فلا داعي لفتح الأبواب له أو ان تفرش له اسجاد الأحمر او تتبع معه فنون الاتيكيت، واجعله يتسلل من أي نافذه او ثقب.


لان عندما يهل علينا فأول ما نفكر فيه هو الشراء الكميات من الطعام على كافة اشكالها والمشروبات وتفتح محافظها واموالها ثم تفتح الافواه لاستقبال كميات الطعام وتفتح اعينها للمسلسلات والبرامج فالناس يفتحون لرمضان فتوحات مختلفة.

ولكن اليوم اتحدث عن فتح اخر وهو فتح كبير في قلبك مغارات ومغارات وغابات ومناطق لم يطأ اليها أحد وأماكن سرية ففي قلبك الكثير من الهموم والمشاكل والاقفال على اقفال وعنكبوت عشش بداخله فأنا أقول لك عليك ان تفتح لرمضان أبواب قلبك واترك الأبواب التقليدية واجعله المنجل الذي يقطع خيوط العنكبوت فأجعله كأن أول مرة يزورك واستعد له وافتح قلبك له.

كنت استغرب من قيام الخطباء بالحديث عن رمضان كل عام مثل رمضان السابق واعتقدت ان هذا الكلام تسلية صيام ولكن ايقنت بعد ذلك انهم يعتبرونه كأن أول رمضان يهل على الناس ولم يصوموا ولم يعرفوا عنه حاجة فالمغذى هو أنهم يريدون ان يستقبلوا الناس رمضان بقلوبهم في هذه المرة وليس ببطونهم.

فالكثير مننا يعلم ان اهل المعاصي والكبائر يصومون ويصلون في رمضان ويتركون المعاصي ويمتنعون عن السيجارة وكوب الشاي في نهار رمضان، ولكن إذا لم يغير هذا السلوك بعد رمضان فأن رمضان لم يأتي ولم يدخل قلوبهم بعد.

 فأتذكر عندما قلت لصديقي رمضان قد فاتنا ولكن بدأت استعد لرمضان الاتي والقادم على الأبواب لكى افتح له قلبي ويفتح له قلوب كل الناس في كل مكان، فأبواب الجنة تفتح أبوابها للجميع فأنا لا اسخر هذه المرة فرمضان هذه المرة فرصة عظيمة للتذوق فعلا وليس تذوق الموائد واللحوم وغيرها ولكن تذوق الاجر والحسنات والمغفرة والرحمة فمن ذاق عرف ومن عرف أغترف.

 فهو يقابلك بالحب ويعلم انك خائف مثل الطفل الذى اول يوم له في الدراسة فيستقبلك بالتخفيضات والحسنات والمغفرة والرحمة والعتق من النار، فرمضان يقول لك ذوق طعم الايمان والعتق من النار وان شهر واحد فعل فيك هكذا فلماذا لا تكون باقي السنة كلها رمضان فهو يغريك ويهويك لان تتغير الى الأفضل.

 


فرمضان ليس من اجل رمضان بل رمضان من اجل بقية السنة، ومن الأشياء التي يقدمها لنا رمضان لكى نتذوقها ومن ثم نعرفها ونغترف منها فكما المعلوم ان رمضان الصيام ولكن مع الصيام يأتي الاستدراج الى الصلاة.

فحتى الذين يصلون من اجل صحة الصوم فهم يفعلون ذلك لمدة ثلاثون يوماً ويسجدون ويذكرون اسم الله ويسبحوه فهذا كفيل ان يتعودون عليه ويغير لبعضهم حياتهم لان بعد رمضان وينقطع البعض عن العبادة سيشعرون بشيئاً ينقصهم ويقلقون وسيبحثون عنه فهو الطعم في السنارة .

لان قلوبهم وصدورهم ارتاحت لهذه الأماكن وسيلجئون اليها مرة أخرى . فإذا لم يكن رمضان من ينقذنا فمن سينقذنا اذا فهو سوف يجعلك انك من النخبة ومن الصفوة فهناك القليل من يستيقظون ليلا لأداء الفجر وكأنه موعد للعشاق وهو فعلا العشق للصلاة والفجر واخرون ثملين من الخمر.

 فكم فئة محظوظة هذه التي اختارها الله لكى يوقظها لتلبية النداء وصلاة الفجر فهؤلاء مشهورين ولكن الشهرة ليست على المجلات وصفحات الجرائد ولكن الشهرة بين الملائكة والانبياء ويالها من شهرة فرمضان يجرك الى تلك الصفوة فهو الطعم في السنارة.

القرأن. لا تتعامل معه مثل المرابي اليهودي وتقول كل يوم حزب وجزء وفى نهاية الشهر الخاتمة المعتادة بل هذه الأجزاء والأحزاب اتعملت لتسهيل الحفظ ولكن يجب عليك ان تنطلق كالمهر الطليق في البراري فليس امامك طرق واعرة او منحنيات او اشارات توقفك فدعه ينطلق ويتقدم في مخاوفك ومجاهلك ويطرد الخفافيش فهو مثل الربيع الذي ينير القلوب ويفتح الاغصان ويزيل فصول الخيبة والغبار. ويخضر الأرض القاحلة .

فأعرف أكثر لكي تغترف منه أكثر، فإذا لم يكن القرأن هو الذي يجعلك تكتشف قصة حياتك ومصيرك وقرارك فمن غيره سيفعل ذلك فأنطلق واغترف منه ولا تكن بخيلا وتجزئه الى أجزاء فلتجعل هذا العام رمضان مختلف رمضان غير. فأغسل همومك وذنبوك واكسب الحسنات والمغفرة واغسل نفسك بالماء والثلج والبرد

فالمهم في رمضان نفسه هو ما بعد رمضان، فإذا كنت اقتربت من الله خطوة وتأثرت به بعد رمضان فهو رمضان أم إذا لم يفعل فيك شيئاً وعدت كما السابق فاذا رمضان قد فاتك أيضا هذا العام ، فعلى باب رمضان أتساءل هل هذا العام ولدنا من جديد أم لم نولد بعد وننتظر الى رمضان القادم فكل عام يوجد ناس يولدون من جديد ومازالوا يولدون وهناك اخرون لم يولدوا بعد ولكم الفرصة مازالت سانحة فمد يدك وساعد الاخرين في أن يولدوا من جديد من خلال ارشادهم والاخذ بيدهم ،  فهو أياما معدودات وايامنا واحلامنا كلها أياما معدودات فلنستغل تلك الأيام ونولد فيها من جديد ونعرف رمضان أكثر لكي نغترف منه أكثر وأكثر ونصبح من الطبقة القليلة التي يحبها الله وتتسابق في عمل الخير فكلها أياما معدودة ونولد من جديد.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب الراقصون تحت المطر

مراجعة كتاب رمضان الأخير للدكتور راغب السرجاني

للكبار فقط